كتاب نقد اصول الكافي

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه الميامين.

أما بعد:

فقد لاحظت أثناء المناقشات الطويلة مع الشيعة أنهم عندما يسئلون عن عقيدة ما يعتقدونها يبادرون إلى سرد الأدلة على عقيدتهم من كتب السنة لا تكون صحيحة السند، وقد تكون صحيحة السند لكن الآفة من خطأ استدلالهم بها حتى إنها تكون حجة عليهم.

 وهم بذلك يدرأون أن يقال لهم: هاتوا هذا النص بسند صحيح من مصادركم. وحينئذ يظهر منهم العجز بوضوح. وهم إنما يلهون خصمهم عن هذه الحقيقة ـ أو قل الفضيحة – بتلك القاعدة التي يكررونها دائما وهي ( ألزموا القوم بما ألزموا به أنفسهم). ونحن ولله الحمد نمتلك في مصادرنا صحة السند بينما هم يتبين عند مطالبتهم بمصادرهم أنه لا سند صحيح لديهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهم إنما يبادرون السني إلى الاستدلال من كتبه ويوهمونه بأنهم يحتجون ضده من كتبه. إنما يريدون في الحقيقة إبعاده عن الاستدلال بكتبهم. لأنهم سيقولون له هذه الكلمة المعهودة منهم « من قال بأننا نسلم بكل ما في كتبنا؟ من قال لك بأننا نسلم ما في كتاب الكافي ؟

فيقول لهم السني الحاذق « هلا أتيتم بسند رد هذه الرواية من كتبكم؟ هل تحققتم من سندها ورواتها؟ وهنا سوف يسقط قناعهم.

منزلة الكافي عند الشيعة

يعتبر الكليني مؤلف أعظم كتاب من بين كتب الشيعة ومصادر أصولهم وفروعهم، حيث يعتقد الشيعة أنه أوثق من كتاب صحيح البخاري.

قال الكليني نفسه يمدح كتابه في المقدمة « وقلت إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين» (مقدمة الكافي ص 7).

دعوى التواتر مردودة

قال عبد الحسين شرف الدين « وأحسن ما جمع منها الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في أصولهم وفروعهم من الصدر الأول إلى هذا الزمان وهي الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه، وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها والكافي أقدمها وأعظمها وأحسنها وأتقنها» (المراجعات 335 مراجعة رقم 110. طبع دار صادق ببيروت.

وقال الفيض الكاشاني بعد الثناء على الكتب الأربعة « والكافي أشرفها وأعظمها وأوثقها وأتمها واجمعها» (مقدمة المحقق للكافي ص 9 مع اعترافه بأن المجلسي وصف كتاب الكافي بأن أكثر أحاديثه غير صحيحة).

قال الميرزا النوري الطبرسي « الكافي بينها - أي الكتب الأربعة - كالشمس بين نجوم السماء وامتاز عنها بأمور إذا تأمل فيها المنصف يستغني عن ملاحظة حال أحاد رجال سند الاحاديث المودعة فيه وتورثه الوثوق ويحصل له الاطمئنان بصدورها وثبوتها، وصحتها بالمعنى المعروف عند الاقدمين» (خاتمة المستدرك463/3 كليات في علم الرجال ص355 للسبحاني).

وقال الحر العاملي « الفائدة السادسة في صحة المعتمدة في تأليف هذا الكتاب وتوافرها وصحة نسبتها وثبوت أحاديثها عن الأئمة عليهم السلام» (خاتمة الوسائل 61).

وقال آغا بزرك الطهراني عن كتاب الكافي « هو أجل الكتب الأربعة الأصول المعتمدة عليها، لم يكتب مثله في المنقول من آل الرسول» (الذريعة إلى تصانيف الشيعة 245/17 ) .

وقال العباس القمي « وهو أجل الكتب الإسلامية وأعظم المصنفات الإمامية والذي لم يعمل للإمامية مثله، قال محمد أمين الاسترابادي: سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنه لم يصنف في الإسلام كتاب يوازيه أو يدانيه» (الكني والألقاب 98/3).

وقال علي أكبر الغفاري في مقدمة الكافي (ص 25) والشيخ محمد صادق الصدر في كتابه (الشيعة ص122) « ويحكى أن الكافي عرض على المهدي فقال : » هذا كاف لشيعتنا « .

قلت: أني تكون لأسانيده الصحة والتواتر. ووقد ظهر لنا أنه لا يعرف الإسناد. فأن غالب رواياته يبدأ الكليني روايتها هكذا (عن عدة من أصحابنا) فهذا إسناد فيه مجاهيل. والأصل تسمية الرواة حتى يتسنى لنا فحص السند وتتبع حال الرواة.

هذا، ولا يوجد عند الشيعة ضابط مستقيم في تتبع الروايات والحكم عليها، بل هم يخبطون خبط عشواء. وإليكم مثالا على ذلك. فإننا نجد عبد الحسين في المراجعات يقول مدافعا عن زرارة – وهو من أبرز الرواة عن جعفر الصادق رضي الله عنه- « لم نجد شيئا مما نسبه إليه الخصم. وما ذاك منهم إلا البغي والعدوان » (المراجعات 110 مؤسسة الأعلمي.).

غير أن كتبا شيعية أخرى قالت عن زرارة على لسان جعفر نفسه . « كذب علي زرارة، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة » وقال « إن مرض زرارة فلا تعده، وإن مات فلا تشهد جنازته. زرارة شر من اليهود والنصاري » وقال « إن الله قد نكس قلب زرارة » (رجال نكشي 147ط: مشهد. وانظر كتاب تنقيح المقال 443:1 ط اللحف والخوني في معجم رجال الحديث، ط : اللحف (رجال الكشي 160 والمامقاني في تنقيح المقال 1 : 444).)

فهذا راو مكثر عن جعفر بل من أبرز رواة الشيعة، وهذا حاله كما شاهدت. ومع ذلك يتظاهرون بالحرص والغيرة على السنة فيطعنـون بـأبي هريرة ويقولون « كيف يزعم أبو هريرة أنه روى ستة آلاف حديث في فترة عدة سنين؟ أليس هذا دليل على كذب أبي هريرة.

هكذا عدم استساغة مبنية على المزاج المحض لمن دعا له النبي ، أن يوسع الله له حفظه.

فإن كان هذا مرفوضا عندهم فلماذا لا يرفضون ما يرويه الكليني عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يعرف سبعين مليون لغة.

بل زعم الكليني أن الله يعطي الإمام جميع اللغات ومعرفة الأنساب والأجـال والحوادث.

وان للأئمة علم ما كان وعلم ما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء، وأنهم يحييون ويميتون. (الكافي 426/1 كذلك أنظر في المجد نفسه 204 و217 و225)

وأنا أسأل: لماذا يمنحه كل ذلك إن كان في علم الله أنه سيبقى محروما من منصب الإمامة؟ هل هياه الله وأودع فيه هذه المؤهلات مع علمه أنه لن يكون إماما ليستعملها؟


مرفقات

تعليقات