الرد على سعيد فودة

أسس أشاعرة اليوم دارا باسم الرازي:
مسكين الرازي فإنهم يتكلمون باسم من تاب وتراجع عن التأشعر كالرازي والجويني والباذ لو أنكم سميتم الدار باسم السبكي أو الحصني لكان أصح.
ولكن ماذا نفعل في أناس تسموا بالأشعري وقد أعلن البراءة من كل ما خالف أحمد بن حنبل. ولو كانوا متبعين حقا للأشعري لسموا دار نشرهم باسم دار أحمد بن حنبل.

قوله (ص7):
 والتوحيد أول ما يجب على المكلف ويسمى بعلم الكلام
التناقض: فإنهم لم يوجبوا على عوام الناس هذا العلم لتعقيد علومه فكيف صار هو التوحيد الواجب على كل مكلف؟
كنا نتمنى أن يأتي فودة أو أي أشعري بدليل واحد عن الأئمة الذين ينتسب الأشاعرة والماتريدية إليهم في الفقه أنهم درسوا علم الكلام وعلموه الناس.
 ولكن لم ولن يفعلوا لأن كلام الأئمة في التحذير منه أشد التحذير.
 حتى اضطر الحبشي أن يصف من ذم علم الكلام بأنه مجنون. وفي هذا وصف للأئمة الأربعة بأنهم مجانين.
وفودة لا يستطيع أن يقول قال الشافعي قال مالك لأنه يعلم أنهم ذموا علم الكلام وطعنوا فيه.
 فيلزمه أن الأئمة ذموا وعابوا أصل الدين وحذروا الناس من علم التوحيد.

تناقض واضح

قال (17):

« فأهل السنة، صحح جمهورهم اعتقاد المقلد، وأوجب عليه الدليل، وحكم بعصيان المقلد إذا لم يعرف الدليل».

أضاف:

أما ما يتعلق بعلم الكلام فإن الإنسان لا يصبح عالما بعلم التوحيد وهو علم الأسماء والصفات إلا بعد العلم بالأدلة. وذلك لأن من المقصود بهذا العلم وهو إفحام الخصوم، وتثبيت العقائد في الصدور وتوضيحها وهذا لا يتم إلا بالأدلة )

قلت:

ماذا لو كان علمه بالأسماء والصفات من خلال القرآن والسنة دون الأدلة الكلامية؟

المقلد في العقائد كافر عند الأشاعرة

قال أبو منصور البغدادي: « قال أصحابنا: كل من اعتقد أركان الدين تقليدا... فهذا غير مؤمن بالله ولا مطيع له، بل هو كافر... ومنهم من قال: لا يستحق اسم المؤمن إلا إذا عرف الحق في حدوث العالم وتوحيد صانعه... وهذا اختيار الأشعري وليس المعتقد للحق بالتقليد عنده مشركا ولا كافرا وإن لم يسمه على الإطلاق مؤمنا »[أصول الدين 254 - 255].

موقف الحافظ ابن حجر من أهل الكلام المقلدة

ولقد أبدى الحافظ ابن حجر استياءه من ذلك فقال: « والعجب ممن اشترط ترك التقليد من أهل الكلام ينكرون التقليد وهم أول الداعين إليه.. فآل أمرهم إلى تكفير من قلد الرسول ( في معرفة الله تعالى. وكفى بهذا ضلالاً، ويلزم من ذلك إلى القول بعدم إيمان أكثر المسلمين »[فتح الباري 354/13].

- ونقل عن البيهقي في كتاب الاعتقاد أن غالب من أسلم من الناس في عهد النبي ( لم يعرفوا إثبات الصانع وحدوث العالم عن طريق استدلال المتكلمين وذكر أن هذا لا يكون تقليدا وإنما اتباعا [فتح الباري .[353/13
- وأثبت الحافظ أن هذا الاشتراط الذي عرفه المتكلمون إنما قلدوا به المعتزلة الذي سبقوهم إلى تكفير من لم يعرف الله عن طريق الاستدلال. قال: « وذهب أبو هاشم من المعتزلة إلى أن من لم يعرف الله بالدليل فهو كافر »[فتح الباري 350/13].

فودة يعترف بأن علم الكلام يسبب الفتن والمشاكل
قال فودة معترفا بأن « المقلد ليس من أهل هذا الفن، ولا يجوز أن يمنحه، من حيث ما هو مقلد، ويجوز من حيث ما هو طالب لهذا العلم، بل ربما لو عرض هذا الفن على المقلد لنتج عنه من الفتن والمشاكل أمر عظيم، ولذلك يقول كثير من أهل العلم: إن علم الكلام وهو علم التوحيد علم خاص لا يبذل للعامة، بخلاف علم الفقه».
قلت:
 أليس هذا اعترافا منه بأن علم الكلام ينشأ عنه الفتن والمشاكل؟
 وهل علم العقيدة يحدث هذا النوع من الفتن والمشاكل؟
 نشكرك كل الشكر على هذا الاعتراف.
ونضيف إلى اعترفك اعتراف أبي جمع من العلماء ومنهم الأشاعرة بذلك.
إعترافات أبي حامد الغزالي والرازي سهم في كبد فودة
وقد ضاق الغزالي ذرعا بمن وصف علم الكلام بـ ) علم التوحيد) فقال: « قد جعل التوحيد الآن عبارة عن صناعة الكلام.. وسمي المتكلمون بعلماء التوحيد، مع أن جميع خاصة هذه الصناعة لم يكن يعرف منها شيء في العصر الأول: بل كان يشتد منهم النكير على من كان يفتح بابا من الجدل والمماراة [انظر إحياء علوم الدين 95/1).
قال: « والدليل على مضرته: ما ثار من الفتن بين الخلق منذ نبغ المتكلمون »[إتحاف السادة المتقين  شرح إحياء علوم الدين 44/2]. 
ووصف الغزالي المتكلمين بأنهم: « من أشد الناس غلوا، كفروا عوام المسلمين وزعموا أن من لم يعرف الكلام معرفتنا، ولم يعرف العقائد الشرعية بأدلتها التي حررناها فهو كافر، وجعلوا الجنة وقفا على شرذمة يسيرة من المتكلمين ».

إلى أن قال مبديا إنكاره الشديد على من زعم وجوب تعلم هذا العلم المبتدع:

« فليت شعري: متى نقل عن رسول الله م وعن الصحابة رضي الله عنهم: إحضار أعرابي أسلم وقوله له: الدليل على أن العالم حادث أنه لا يخلو عن الإعراض. وما لا يخلو عن الحوادث حادث فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة 150-151 واحتج بها السيوطي في صون النطق 185]. قال: « بل لم يكلف الشرع أجلاف العرب أكثر من التصديق الجازم بظاهر هذه العقائد » ثم أكد أن جميع عقائد العوام مبادئها التلقين المحض [إحياء علوم الدين 94/1].

وقد حكى تجربته الفاشلة مع علم الكلام ثم قال: « لم يكن الكلام في حقي كافيا ولا لمرضي الذي كنت أشكو منه شافيا... ولم يكن من كلام المتكلمين إلا كلمات ظاهرة التناقض والفساد »[المنقذ من الضلال 14 - 17]

إذن فالغزالي يتحدث عن تجربته مع علم الكلام، وكان آنذاك أشعريا وليس معتزليا.

هل الغزالي يحذر من علم التوحيد؟
وقد كتب آخر كتبه وهو بعنوان: إلجام العوام عن علم الكلام.
 فكيف يكون علم الكلام هو علم التوحيد والغزالي يكتب كتابا يحذر من علم الكلام.

كفوا عن جريمة وحدة الوجود بين علم الكلام وبين علم التوحيد.

أهم مواقف العلماء من علم الكلام

قال الشافعي للربيع: « لا تشتغل بالكلام فإني اطلعت من أهل الكلام على التعطيل » وقال: « حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل وينادي عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام » [سير أعلام النبلاء 10/ 28 – 29 صون المنطق 65 الحلية 116/9 مناقب الشافعي 462/1] وتواتر عنه ذم أهل الكلام. ووصفهم أبو حنيفة بأنهم « قاسية قلوبهم غليظة أفئدتهم لا يبالون مخالفة الكتاب والسنة وليس عندهم ورع ولا تقوى » [سير أعلام النبلاء 6/ 399 مفتاح دار السعادة .[136/2

- واحتج بقول مالك في الرد على أهل الكلام فقال: « محال أن نظن بالنبي p أنه علم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد » [سير أعلام النبلاء 26/10].

- وقال أبو حنيفة: « إني وجدت أهل الكلام قاسية قلوبهم، غليظة أفئدتهم، لا يبالون مخالفة الكتاب والسنة، وليس عندهم ورع ولا تقوى » [سير أعلام النبلاء 399/6 مفتاح دار السعادة 2: 136]. وهذا مطابق لقول الشافعي: « المراء في الدين يقسي القلب » [رواه أبو نعيم في الحلية .[111/9

وما أدل على ذلك من قول الرازي حين استعرض أقوال المعتزلة والأشاعرة حول مسألة التحسين والتقبيح العقليين: « واعلم أن هذه المذاهب ظهر في كل واحد منها من المدائح والقبائح، فعند هذا قال أصحاب الحيرة والدهشة: أن هذه الدلائل ما بلغت في الوضوح والقوة إلى حيث تزيل الشك وتملأ بقوتها ونورها: العقل. بل كل واحد منها يتوجه فيه نوع غموض » المطالب العالية 426/4].


مرفقات

تعليقات