الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: دأب الإباضية على وصم أنفسهم بأهل الحق والاستقامة. وأنا أتساءل: هل من الحق والاستقامة التسوية في المآل والمصير بين من أشرك وبين اتقى الله في اجتناب الشرك ولكن ضعفت نفسه وغلبته شهوته في زنى أو سرقة أو حلق لحية؟ حدثوني بالله عن قاض حكم على سارق بيضة بالقتل شنقا، مساويا بينه وبين القاتل: هل ترتضون منه هذا الحكم؟ ألستم تعتبرونه ظلما وتشددا؟ فكيف ترتضون نسبة هذا الظلم الله أنه سوف يؤبد سارق البيضة وإبليس في النار بلا خروج. الدليل والبرهان على خروج المؤمن من النيران هذا الظلم المنسوب الله سوف يوقع الناس في الشك: إما بالله وإما بمذهبكم والشك في مذهبكم أولى لأن ين الله يختلف. فإن الله فرق بين الشرك وبين ما دون ذلك. ولم أي ذنب مساويا للشرك في الحساب والعقوبة. فقال: { وإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } تكفير ثلثي الأمة فداء للمذهب الإباضي ولا يخفى أن الأمة تبلغ اليوم مليار ونصف مسلم وأكثرهم يحلقون. وحكم حلق اللحية عند الإباضية كفر مخلد في النار بلا خروج منهامن النار. اضطر الإباضية حينئذ أن يضحوا بثلثي هذه الأمة ويخرجوها من الاسلام منعا من خروجها من النار. لأن مجرد القول بخروجهم من النار حكم بإيمانهم ولأن الله يقول: «والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة». ولا سيما أن الكفار حين ينادون أهل الجنة «أفيضوا علينا من الناء أو مما رزقكم الله، يجبيهم أهل الجنة «إن الله حرمهما على الكافرين الدليل والبرهان على خروج المؤمن من النيران وهذا الجواب من أهل الجنة هو بشرى لعصاة المؤمنين ودليل على أنهم موعودون برزق الجنة وإن مكثوا فيها زمنا. بل إن هذا الحوار بين أهل النار وبين المؤمنين يكون والله أعلم بعد خروج المؤمنين العصاة من النار. وهكذا يضطر الإباضية أن يقولوا لمليار مسلم في زمننا هذا فقط فضلا عن تريليونات مضت: « سامحونا فإننا مضطرون لتكفيركم على حلق اللحية وإلحاقكم بإبليس صيانة لمذهبنا من ظهور التناقض فيه». فهل هذا في الحق والاستقامة من شيء؟ فنجعل المسلمين كالمجرمين قال تعالى: «أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون » (القلم35). وبناء على هذه الآية أقول: حتى وإن دخل عصاة المسلمين النارفلا بدأن يكون هناك فرقا بينهم وبين المجرمين الكفارفي المكوث والخروج منها. والا لزم التسوية التي ينفيها الله عز وجل وبطل الحق والاستقامة حينئذ لمن يعتقد التسوية بين المسلمين والمجرمين لدليل والبرهان على خروج المؤمن من النيران إنني أشهد وأنا أكتب هذا الكتاب أني لم أجد صحابيا واحدا خالف ما أجمع عليه الصحابة وتواتر عن النبي ﷺ من أربعين طريقا من أصحابه أن شفاعته هي إخراج عصاة الموحدين مرتكبي الكبائر من النار. كلا ولا تابعيا واحدا ولا عالما من علماء الأمة المعتبرين كالأئمة الأربعة، قد عرف عنه أنه نازع في تلك المسائل التي يتمسك بها الإباضية اليوم ويخالفونهم فيها مثل: رؤية الله وخروج اهل الكبائر من المؤمنين الموحدين من النار. بل إجماع الصحابة منعقد على رؤية الله وخروج عصاة المؤمين من النار. وإنه بعد مناظرات جرت بيني وبين الإباضية حول خروج عصاة الموحدين المؤمنين من النار تبين لي أن أمر الرد على الإباضية هين جدا وأنه وكما قال الشيخ الألباني متوقف على إلزام الإباضية بوصف السنة دليلا. فإن هم التزموا بأنها دليل فيستحضر هذا الدليل أمامهم. وإذا رفضوا تسميتها دليلا فهم قرآنيون، والقرآنيون كفار بفتوى وشهادة شيخهم الإباضي المعاصر أحمد الخليلي. الدليل والبرهان على خروج المؤمن من النيران وباختصار شديد من بداية هذا الكتاب أقول: تأبى العقيدة الإباضية إلا أن تسوي بين من قال لا إله إلا الله وبين من قال: «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين». ونأبى إلا أن نخالفهم في ذلك موافقة منا للقرآن الذي جعل بينهما فرقا فقال: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .. فليس من الحق ولا الاستقامة مخالفة القرآن والمساواة في المأوى والمصير بين الموحد وبين إبليس. السنة النبوية هي الحلقة الضائعة عند الاباضية والخلاف مع الإباضية ليس خلافا حول جزئية من جزئيات الدين كجزئية مرتكب الكبيرة أو الصغيرة بقدر ما هو خلاف تأصيلي حول مصدر تلقي العقيدة. فإذا انحلت هذه العقدة أمكن حل الخلاف معهم بنسبة كبيرة.
تعليقات