الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أهل بيته – أزواجه وذريته. أما بعد: 1 - أحاديث صحيحة السند ولكنهم يأتون فيها بفهم خاص بهم. مثال ذلك حديث (إني تارك فيكم الثقلين.. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي). فيزعمون أن الرسول أمر في هذا الحديث بالتمسك بأهل البيت. بينما السياق يفرق بين التمسك بالثقل الأول وهو القرآن وبين اتقاء الله في أهل البيت وعدم اتخاذهم غرضا. وقد اتخذهم الشيعة وسيلة لأكل أموال الناس بالباطل فأمرون العوام بأداء خمس أموالهم باسم أهل البيت. وهددوهم وتوعدوهم بعدم قبول أعمالهم إن لـم يـؤدوا لهم الخمس. ولضمان استدامة ضخ هذا المصدر ولئلا تكـون اجتماعاتهم علمية قد يواجهون فيها أسئلة المتسائلين جعلوا مواضيع مجالسهم تارة في البكاء على الظلم الذي تعرض له أهل البيت بزعمهم وتارة بإطرائهم والغلو فيهم حتى التأليه والتقديس. والتزموا استعداء أصحاب النبي وأزواجه: عائشة وحفصة رضي الله عنهما. وبهذا لا يعود لهم أي مستمسك في الحديث لأن الحديث يفيد التحذير من اتخاذ أهل البيت غرضا لتحقيق المكاسب والمآرب الدنيوية. وأما الطعن في البعض الآخر من أهل البيت فالمراد منه إثارة العامة وتثبيت الحقد عندهم بما يحقق تعصبهم للباطل ورد الحق. 2 – أحاديث ضعيفة يوهمون الناس أنها حجة وهي ليست كذلك حتى تكون على شرطنا. وإن صحة سند الحديث هو شرطنا لقبوله ولا نكتفي في قبوله بمجرد كونه في كتب الحديث، اللهم إلا البخاري ومسلم اللذين أجمعت الأمة على تلقيهما بالقبول والتسليم. وأكثر رواة هذه الأحاديث من الشيعة والرافضة، يكذب طائفة من الرافضة أحاديث ثم يأتي آخرون يحتج على وجودها عندنا وفي كتبنا. وقد تكون في كتب نقد الرواة أوردها النقاد كالذهبي وغيره ليجعلوها نموذجا على أكاذيب الرواة الكذابين، فيحتج بها الشيعة المعاصرون علينا وكأننا قد سلمنا بصحتها. وتمادوا في ذلك حتى صاروا يأتون بالروايات من كتب الشعراء والمفكرين المعاصرين كمحمود عباس العقاد وأحمد شوقي ولم يكتفوا فقط بالرواية من كتب التاريخ . وإننا نعلن أن كل حديث يأتوننا به ليحتجوا به علينا مما ليس على شرطنا في الصحة هذا فلا تقوم لهم به حجة علينا. 3 – أحاديث يوهمون صحتها. مثل حديث « من أحب هذين – أي الحسن والحسين - وأباهما كان معي في درجتي في الجنة» رواه الترمذي وقال «حدیث حسن غريب لا نعرفه من حديث جعفر بن محمد إلا من هذا الوجه. في حين يكتفون بنقل كلمة واحدة من هذه العبارة (حديث حسن). ويقطعون بقية كلامه (غريب) بما يدل على الطعن في السند. وقد أكد الحافظ أن الترمذي « إذا وصف حديثا بالحسن فلا يلزم عنده أن يحتج له، ودليل ذلك أنه أخرج حديثا من طريق خيثمة البصري عن الحسن عن عمران بن الحصين ثم قال بعده « هذا حديث حسن وليس إسناده بذاك» (سنن الترمذي128/2 وانظر النكت على ابن الصلاح402/1 توضيح الأفكار 179/1). أضف إلى ذلك أنـه قـد يحسن لبعض المعروفين بضعفهم مثل عطية العوفي. وقد يتساهل في التحسين. ولهذا صرح جمع من أهل العلم بأنه لا يعتمد على تصحيحه كما صرح به الذهبي. ونبه عليه المنذري في الترغيب. 4- أحاديث من مصادرهم صححوها وهي حجة عليهم. فيحتالون عليها باناه مرسلة أو أنها غير متواترة. بالرغم من اعترافهم بندرة المتواتر. قال الطوسي « ليس جميع الشريعة متواتر بهـا، بـل التـواتر موجـود فـي مسائل قليلـة نـزرة» (الاقتصاد ص187). ونقـل نـور الله تصريح جمهـور علماء الأصـول بـأن المتواتر قليـل جـدا (الصوارم المهرقة ص277). والقوم لا يستطيعون إثبات صحة سند بحسب قوانين الرواية. وهم عن إثبات التواتر أشد عجزا. ويكذب الخوئي وصول مرويات الرافضة إلى حد التواتر فيقول « إن أصحاب الأئمة عليهم السلام وإن بذلوا غاية جهدهم واهتمامهم في أمر الحديث وحفظه من الضياع والإندراس حسبما أمرهم به الأئمة عليهم السلام إلا أنهم عاشوا في دور التقية ولم يتمكنوا من نشر الأحاديث علنا، فكيف بلغت هذه الأحاديث حد التواتر أو قريباً منه» (معجم رجال الحديث 1/22). 5 - أحاديث صحيحة ولكنها شاذة مخالفة لأحاديث أوثق منها سندا. مثل رواية (أتـي نبيكم مفاتح الغيب إلا الخمس) والتي يحتجون بها لتبرير معتقدهم في أئمتهم بعلم الغيب. وقد أطال الشيخ الألباني رحمه الله في تفصيلها وحكم عليها بالشذوذ. 6 – أحاديث ينكرونها علينا وعندهم مثلها تماما. كما في حديث طواف النبي على أهلـه فـي ليلـة واحدة بغسل واحد. وكما سوف ترى في أحاديث الصفات، فإنهم ينكرون علينا من الروايات مـا قـد امتلأت به كتبهم بل وصححها علماؤهم. كما في الحديث (وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ولكن ورثوا العلم). فإن الشيعة ينقمون على أبي بكر احتجاجه بهذا الحديث الذي بسببه لم يعط فاطمة أرض فدك. صححو إسناده كما فعل المجلسي والنراقي والخميني وغيرهم. كذلك حديث التبول واقفا فقد شنعوا فيه علينا الشناعات العظيمة ومع ذلك فالحديث مروي عندهم في كتاب الكافي. ومع ذلك فقد 7 - أحاديث مشتهرة ومتعددة الطرق لكنها لم تثبت كحديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ومنها ما صححه علماؤنا بتعدد طرقه وشواهده كحديث (من كنت مولاه فهذا علي هو مولاه) وهو صحيح ولكن يخرجه الشيعة عن سياقه المتعلق ببغض بعـض النـاس لـعـلـي فنبـه النبي ع علـى محبتـه وموالاته موالاة الاسلام. والشيعة يحتجون بالحديث على أسبقية إمامته. وللحديث تفصيل يمكن الرجوع إليه. شكاية الرافضة من تخبط علم الحديث عندهم وبعد هذا الحدس الذي هو في الحقيقة تخمين وظن نجد عبارات من كبارهم تتضمن الشكاية من هذه الفوضى في الحديث التي تجعل من الأشرف لهم ان يعودوا إلى مذهب الإخبارية بدلا من هذه الفوضى وهذا اللف والدوران والتخبط في الحديث. يقول محمد حسين فضل الله « إن هناك فوضى أحاطت بالأحاديث الواردة عن الأئمة من وضاع الحديث الذين كانوا لا يكتفون بنقل الأحاديث الموضوعة بشكل مباشر، بل كانوا يدسونها في كتب أصحاب الأئمة الموثوقين كزرارة ومحمد بن مسلم وأمثالهما ليدخل الحديث الموضوع إلى الذهنية الإسلامية العامة من خلال هؤلاء الثقاة الذين لا يدخل الريب إلى ما ينقلونه عن الأئمة انطلاقا من وثاقتهم» ( مقالة له في مجلة الفكر الجديد ص8). 9 – أحاديث يحرفونها لفظا مثل (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي). وجعلها الرافضة بالمثنى (بهما) وهناك فرق بين قوله (بهما) وقوله (به). فإن التمسك ورد مفردا ويعود على القرآن فقط. ومثل (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية). وليس الحديث بهذا اللفظ. وإنما هكذا (من خلع يدا من طاعة). وفي رواية عند أحمد « مـن مـات بغير إمـام مـات ميتة جاهلية» (مسند أحمد رقم16876). وهي قريبة من معنى الحديث الأخير. 10- كتب في التشيع والرفض ألفها أناس من الرافضة كانوا يتخفون بالانتماء إلى مذاهب سنية فصارت كتبهم مصدر الاحتجاج علينا من الروافض المعاصرين. ومن هؤلاء الكنجي الشافعي (زعموا) والقندوزي الحنفي (زعموا). وابن الصباغ المالكي (زعموا). وابن أبي الحديد. وقد قمت بتتبع تراجمهم وسيرهم بدقة بما يفضح هذه اللعبة التي دأبوا عليها في أكثر كتبهم. لقد تبين لي من خلال هذه الحوارات مع الشيعة صحة طريق أهل السنة في نظام الجرح والتعديل عندهم. وكانت لي تأملات في الإعجاز الإلهي في السنة النبوية وكيف أن الله صان هذا المصدر الثاني من مصادر الإسلام من العبث فيه فقيـد لـه علماء جهابذة كرسـول لها حياتهم واكتشفوا بها كثيرا من المتشيعين والمغرضين. لقـد دس الرافضة كثيرا مـن أباطيلهم وأكاذيبهم ثم أخذوا يجتجـون بـهـا علينـا مـع أن آفات هذه الروايات هم من الرافضة. فرجعناهم إلى مذهبهم مثلما قال القائل ((( منكم وإليكم))). هذا وقد عجز الرافضة طيلة ثلاث سنوات عن أن يثبتوا حديثا واحد صحيحا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن هذه الرسالة تأتي لتون حصيلة لسنوات من الحوارات والمناظرات جرت كلها على الانترنت كتابة وصوتا، دأب الشيعة خلالها على إثارة الشبهات حول السنة النبوية في منتدياتهم، وأرجو أن الله تخصيص رسالة أخرى في شبهات القوم حول بعض الآيات وتحريف معانيها بما يوهم بعد ذلك توافق القرآن مع المذهب.
لقد كنت أتتبع كل شبهات الشيعة حول الأحاديث وأرتبها ترتيبا أبجديا حتى استحسنت أن أقوم بهذا البحث المتمضمن لكثير من شبهاتهم حتى صار على النحو الذي تراه.
وقد تجلت في نفسي أثناء تسطير هذه الرسالة زيادة يقين في المعجزة الحديثية التي لا يعرف عنها كثير من الناس شيئا. فإنني لم أكن أتوقع ضعف حديث مما يحتجون به إلا وصدق حدسي وتبين لي ضعفه. وما نظرت إلى حديث صحيح يشنعون فيه إلا ووجدت بعد فقه هذا الحديث ودراسته ما يبرر صحته. ولا أذكر حديثا صحيحا لكن بقي الإشكال فيه أو مشعر بالتناقض أبدا.
لقد كان لي في هذه الرسالة سعادة وقرة عين. وزيادة يقين في صحة مصادر هذا الدين وبطلان أوهام من خالفه.
وقد سئل أحد العلماء: ما سعادتك؟ فقال: في حجة تزداد اتضاحا وشبهة تضمحل افتضاحا.
لقد كانت شبهات القوم حول الأحاديث النبوية وسوء استدلالاتهم ومفاهيمهم لها على النحو الآتي:
8- أحاديث يصححونها بمجرد الحدس لعلها الحاسة السادسة. يقول الخوئي « ومن تأخر عنهم كالمجلسي لمن كان بعيدا عن عصرهم فلا عبرة بها ، فإنها مبنية على الحدس والاجتهاد جزما . وذلك : فإن السلسلة قد انقطعت بعد الشيخ ، فأصبح عامة الناس إلا قليلا منهم مقلدين يعملون بفتاوى الشيخ ويستدلون بها كما يستدل بالرواية على ما صرح به الحلي في السرائر وغيره في غیره»( معجم رجال الحديث 42/1).
تعليقات